السلام عليكم،
سوف أتطَرَق لكم في هذا المقال عن أسباب ضُعف الأقتصاد الروسي، بالرغم من وزن وثِقل روسيا كدولة عسكرياً وسياساً على الساحة الدولية. إضافةً إلى أني سوف أعرض لكم أهم الحقائق عن الأقتصاد الروسي.
من حيث الناتج المحلي الإجمالي، فيعتبر الأقتصاد الروسي أصغر بكثير من أقتصاد الأتحاد الأوروبي. ولكن من منظور سياسي وعسكري، تعتبر روسيا لاعباً قوياً ورئيسياً في الشؤون العالمية. يزعم "بول دي غراوي"، بأن أوروبا تمنح روسيا هذه القوة من خلال ترك الدفاع كمسألة فردية مقتصرة على كل دولة من دول الأتحاد الأوروبي، بدلاً من تكوين جيش واحد مشترك.
يُعادل حجم الناتج المحلي الإجمالي لروسيا، تقريباً نفس حجم الناتج المحلي الإجمالي لدولتي بلجيكا وهولندا. حيث بلغ الناتج المحلي الإجمالي الروسي،1657 مليار دولار في عام 2020. بينما بلغ إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لبلجيكا، 551 مليار دولار ،وهولندا 902 مليار دولار في عام 2020. إذاً، فإن أقتصاد دولة روسيا الأتحادية أكبر بحوالي 12% فقط، من حجم أقتصاد بلجيكا وهولندا معاً.
والسؤال الذي يتبادر في أذهاننا الأن هو الآتي: ما سبب وزن دولة روسيا سياساً وعسكرياً في العالم، على الرغم من، أن أقتصادها بالكاد يتجاوز أقتصاد دولتين صغيرتين، مثل بلجيكا وهولندا؟
للإجابة على هذا السؤال، علينا أولاً أن نتطَرق إلى بعض الإحصائيات الأُخرى، التي توضِح لنا مدى ضُعف روسيا أقتصادياً. بلغ الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة الأمريكية، 21427 مليار دولار أمريكي في عام 2020. هذا يعني، أن أقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية أكبر بحوالي 13 مرة من أقتصاد روسيا، بالرغم من، أن روسيا أكبر دولة بالعالم وأكبر بحوالي مرتين من الولايات المتحدة الأمريكية، من ناحية المساحة الجغرافية. لدينا أيضاً جمهورية الصين الشعبية، والتي تتفوق على روسيا أقتصادياً بحوالي 8 مرات. ألمانيا أيضاً تتفوق على روسيا بحوالي 2.3 مرات. وكذلك بريطانيا بحوالي 1.7 مرات. وكذلك أقتصاد الأتحاد الأوروبي بأكمله يتفوق على روسيا الأتحادية بحوالي 11 مرة. فبموجب هذه الحقائق يتضِح لنا جميعاً، مقدار الضُعف الأقتصادي لدولة بحجم روسيا على الصعيد الدولي.
كما إن الحجم الأقتصادي للبلد هو أحد أهم العوامل، التي تُحدد أهميته العسكرية والسياسية في العالم. فهناك حاجة ماسة إلى أقتصاد مُهيمِن وقوي، من أجل توفير الوسائل والعوامل اللازمة، والتي تعطي البلاد الوزن العسكري والسياسي في العالم. لذلك من الواضح لنا للوهلة الأولى، أن دولة روسيا لا تستحق كل هذا الوزن والثِقل السياسي والعسكري على الساحة الدولية، أليس كذلك؟ إذاً، لا شك من وجود شيءٌ ما أستثنائي يمنحها هذا النفوذ!
هذا يعني، أن دولة مثل روسيا لا بُد لها، أن تبذل جهوداً أستثنائية، من أجل خلق إمكانيات عسكرية قوية ومُنافسة. في عام 2017، بلغ الإنفاق العسكري الروسي، 61 مليار دولار. في حين أنفقت الولايات المتحدة الأمريكية ما يقارب 10 أضعاف هذا المبلغ، أي ما يعادل 603 مليار دولار. وأنفقت الصين، 151 مليار دولار على الدفاع في نفس العام. كما أنفقت فرنسا وألمانيا معاً، حوالي 90 مليار دولار على الدفاع أيضاً. وعلى الرغم من حجم المبالغ الهائلة، التي أنفقتها هذه الدول، إلا إنها تُعتَبر مبالغ أقل بكثير من إجمالي حصة ناتجها المحلي. وهذا على عكس دولة روسيا الأتحادية.
فهنا نستنتج جميعاً، أن روسيا ليست لاعباً رئيسياً في مجال الإنفاق العسكري، حتى يكون لها وزن وثقل عسكري وسياسي كبير. حيث يجب، أن تنفق هذه الدولة نسبة أكبر بكثير من ناتجها المحلي الإجمالي فقط على الدفاع، حتى تكون لاعباً رئيسياً في مجال الإنفاق العسكري كبقية الدول. ومن أجل تحقيق ذلك، ينبغي على روسيا أن تضع عبئاً ثقيلاً جداً على أقتصادها.
والأن نعود إلى سؤالنا السابق: لماذا تتمتع دولة روسيا بوزنٍ ثقيلٍ جداً في الشؤون السياسية والعسكرية على الساحة الدولية؟
أولاً هناك حقيقة لا يمكن تجاهلها وهي، أن في زمن الإتحاد السوفييتي، قامت الدولة ببناء ترسانة نووية كبيرة جداً، بهدف إعطائها وزناً عسكرياً وسياساً رئيسياً على الساحة الدولية. وذلك جعلها تتعادل عسكرياً مع أقوى دولة آنذاك، ألا وهي الولايات المتحدة الأمريكية. هذا يعني، أن الدولة لديها القدرة على تدمير الخصم بالكامل، في حالة وقوع هجوم نووي على أراضيها. فلا توجد قوة نووية أخرى خارج الولايات المتحدة تمتلك هذه القدرة اليوم، بأستثناء روسيا طبعاً. وطالما أن روسيا تمتلك مثل هذه القدرة الرهيبة، فبالتأكيد ستكون أثقل سياسياً وعسكرياً من بقية الدول الأخرى، بغض النظر عن حجم أقتصادها المُنهك.
كما تُعَد روسيا مورداً مهماً جداً للمواد الخام، بما في ذلك النفط والغاز وغيرها. وذلك يُمكِنُ الدولة من ممارسة الضغوط والتهديدات على الكثير من الدول الأوروبية. ولكن لا يجب أيضاً على الدولة المبالغة في هذا التأثير، لأن روسيا تعرف جيداً، أن أستخدام هذا التأثير سوف يُشجِع الدول الأوروبية على إيجاد مصادر إمداد أخرى. والسبب هو ببساطة، أن قوة وتأثير روسيا محدودٌ في هذا المجال، أي أن البلاد لا تحتكر تصدير النفط والغاز.
أخيراً وهذه هي النقطة الأكثر أهمية في هذا التقرير وهي، أن روسيا قوية جداً، لأن أوروبا تمنحها هذه القوة. أي ببساطة، لأن أوروبا أنشأت أتحاداً "أقتصادياً" وليس أتحاداً "دفاعياً". إذ إن الأتحاد الأوروبي أكبر اقتصادياً من روسيا بكثير، وبالتالي فهو يمتلك إمكانيات هائلة ورهيبة. لكن مع ذلك، لا يتم تحويل هذه القوة الأقتصادية إلى قوة عسكرية وسياسية، لأن مسائلة الدفاع ظَلَت مسألة وطنية فحسب. فمن خلال تعاون الدول الأوروبية ودمج قدراتهم العسكرية، عندئذٍ سيكون من الممكن لفرنسا وألمانيا بناء دفاع قوي وموثوق به ضد التهديدات الروسية، ومن دون الحاجة حتى إلى إنفاق الكثير من الأموال. حيث سيكون الإنفاق العسكري المشترك لهذا الأتحاد الدفاعي الفرنسي الألماني، أعلى بنسبة 50% من الإنفاق العسكري الروسي. وبصراحةٍ زائدة، يكفي تكوين دفاع أوروبي موازن لدفاع روسيا، من أجل مجابهتها ومضاهاتها عسكرياً.
قال الرومان قديماً: " إذا كنت تريد السلام، فيجب أن تستعد للحرب". وهذا يوصف بالضبط الوضع الأوروبي الراهن اليوم. مما يعني، أنه يجب على أوروبا بناء أتحاد دفاعي قوي وموثوق، وليس فقط أتحاد أقتصادي. لأن هذا في حد ذاته، سوف يُقَلِل النفوذ العسكري والسياسي الروسي على الساحة الدولية.
إليكم الأن، أهم 13 حقيقة عن الأقتصاد الروسي:
- 1. يتناقص عدد السكان الروس يومياً بمعدل 700 شخص في اليوم، بسبب مشكلة الشيخوخة وأنخفاض الهجرة وضُعف الصحة.
- 2. تمتلك روسيا أكبر أحتياط أموال في العالم، وذلك من أجل التغلب على المُعضلات الأقتصادية. ويبلغ حوالي 460 مليار دولار.
- 3. أنخفض الإنتاج الروسي بنسبة 45%، بعد أنهيار الإتحاد السوفييتي. حيث تم تخفيض الإنتاج الروسي بعد ذلك، بسبب السياسات الأقتصادية السيئة.
- 4. النفط والغاز هما الصادرات الرئيسية في البلاد. حيث يُشكِل النفط والغاز حوالي 59% من حجم الصادرات، وحوالي 25% من حجم الأقتصاد الروسي. وتُصَدِر البلاد حوالي 11 مليون برميل من النفط يومياً.
- 5. أكثر من 13% من السكان الروس، يعيشون تحت خط الفقر. حيث يعيش حوالي 19.3 مليون روسي في فقر.
- 6. تمتلك روسيا أكثر من 70 ملياردير. وتستحوذ العاصمة موسكو على أكبر عدد للمليارديرات في روسيا، أي حوالي 70 ملياردير.
- 7. العملة الروسية "الروبل" تفقد قيمتها. حيث أنخفضت قيمة الروبل تقريباً بنسبة 50% في العقد الأخير. واليوم يساوي الروبل الروسي حوالي 0.014 دولار أمريكي.
- 8. يبلغ متوسط اﻷجر الشهري للمواطن الروسي، حوالي 670 دوﻻراً فقط.
- 9. تُمَثِل "إيكيا" نسبة 20% من الأثاث في روسيا. حيث أفتَتَحت شركة إيكيا السويدية أول متجر لها في عام 2000 في روسيا. وأصبحت واحدة من أسرع الشركات نمواً داخل دولة روسيا.
- 10. أنخفض أستهلاك "الفودكا" في روسيا من 214.6 مليون ديكالتر إلى أقل من 100 مليون ديكالتر في عام 2015. بينما أزداد أستهلاك "الشامبانيا" من 18.3 مليون ديكالتر إلى 23.6 مليون ديكالتر.
- 11. أنتجت روسيا حوالي 315000 طن من "الأسبست" في عام 2018. حيث تُعتَبر مدينة "أسبست" الروسية أكبر مُنتج للأسبست في العالم. وتقوم بتصديره إلى العديد من البلدان. على الرغم من، أن العديد من البلدان قد حظرت الأسبست، بسبب مخاطره الصحية.
- 13. أنفقت الحكومة الروسية أكثر من 50 مليار دولار على دورة الألعاب الأولومبية الشتوية في عام 2014 في مدينة "سوتشي" الروسية، من أجل جعل المدينة جاهزة. وفي عام 2018، أستضافت روسيا كأس العالم لكرة القدم، والتي كلَفت أكثر من 11 مليار دولار في أعمال البناء والتحضير.
لقد كانت جميع تلك الحقائق المذكورة، هي أهم الحقائق عن الأقتصاد الروسي!
شكراً لكم على القراءة وأتمنى أن يكون مقالي قد أفادكم ونال إعجابكم، وأعتذر إن كان هناك أي معلومات خاطئة!
x
أهلاً بك أخي الكريم!
ردحذف