السلام عليكم،
سوف أعرض لكم في هذا المقال كل ما ينبغي عليكم معرفته عن الحرب الأهلية في سوريا منذ بدايتها وصولاً إلى تطوراتها وتداعياتها.
كيف بدء كل شيء؟
تعتبر تضحية الشاب "محمد البوعزيزي" في تونس، سبباً رئيسياً لإندلاع "الربيع العربي". حيث تظاهر الناس في العديد من دول العالم العربي، من أجل العدالة والمزيد من الحرية وظروف معيشية أفضل، وكانت سوريا واحدة من هذه الدول.
عندما قام الأطفال في محافظة درعا في جنوب سوريا بكتابة شعارات للربيع العربي ومعارضة للنظام على الجدران، ردت عليهم قوات الأمن السورية بوحشية وقامت بأعتقال 15 طفلاً منهم. ونتيجةً لذلك، خرج الآلاف من السكان إلى الشوارع مطالبين بالإفراج عن الأطفال ووضع حداً للفساد والتعسف والإصلاحات السياسية داخل البلاد.
في تاريخ 29.4.2011، تم أعتقال الطفل المدعو "حمزة الخطيب" أثناء مظاهرة في محافظة درعا، والذي كان يبلغ من العمر 13 عاماً فقط. حيث تم تعذيبه حتى الموت وسُلِمَت جثته إلى والداه بعد بضعة أيام.
وقد أدَت صور جسده المشوهة إلى أحتجاجات وأنتفاضات كبيرة ضد وحشية قوات الأمن، وطالب الكثير من السوريين بمعاقبة الرئيس بشار الأسد بشدة. لكن بشار الأسد وصَف هذه المظاهرات بإنها "مؤامرة أجنبية"، وأن المعارضين مجرد إرهابيين لديهم علاقة مباشرة مع تنظيم القاعدة.
تحولت المظاهرات العادية فيما بعد، إلى مظاهرات حاشدة تطالب بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. وقد تم حشد عدد كبير من الأشخاص بمساعدة شبكات التواصل الإجتماعي، مثل الفيسبوك والتويتر. حيث ضَمَت صفحة الفيسبوك المُسماة "كلنا حمزة الخطيب"، أكثر من 100 ألف عضو في غضون وقتٍ قصير.
أحتجاجات من أجل الديمقراطية والإطاحة بنظام الأسد
نَشَر العديد من النشطاء مقاطع فيديو للمظاهرات الحاشدة على اليوتيوب، تماماً كما كان الحال في مصر وتونس. وكان الشعار الرئيسي للمظاهرات هو: "الشعب يريد إسقاط النظام". حيث تظاهر الشعب السوري من جميع الطوائف والطبقات ضد النظام، ونادوا ودعوا إلى الحرية والديمقراطية. لكن نادراً ما شوهِدَت أعلام "المتطرفين الإسلاميين" داخل البلاد في ذلك الوقت.
وقد أصبح حارس مرمى المنتخب السوري لكرة القدم في محافظة حمص "عبد الباسط الساروت"، وجهاً من وجوه الثورة. حيث أصبحت أغانيه هي أناشيد الثورة، مثل أغنية "جَنة جَنة". كما أصبحت الممثلة العلوية "فدوى سليمان" أيضاً رمزاً للمعارضة، وقام المطرب "إبراهيم القاشوش" من محافظة حماة بإطلاق أغنية "يلى أرحل يا بشار"، وقد أثار ذلك غضب النظام السوري آنذاك. ففي تاريخ 4.7.2011. حيث تم العثور على جثة إبراهيم القاشوش مقطوعةٌ حنجرته عند نهر العاصي.
لقد تعاملت ميليشيات الشبيحة الموالية للنظام والجيش السوري بوحشية ضد الأحتجاجات، وأصيب المئات بجروح وتعرض المُختَطَفين للضرب والتعذيب.
كما هو الحال في البلدان العربية الأخرى، أستخدم المعارضين ومُنظمِين المظاهرات شبكات التواصل الإجتماعي، من أجل نشر رسالتهم خارج حدود سوريا بشكلٍ مكثف.
تأسيس الجيش السوري الحر
زعم عدد كبير من الجنود، أنهم أُجبروا على إطلاق النار على المتظاهرين. وهذا يثبت وحشية النظام، التي لها أصول طويلة منذ الأزل. فقد غادر الرئيس "حافظ الأسد" محافظة حماة وتركها في حالة خراب ودمار بعد تمرد في عام 1982، مما أسفر عن مقتل ما يصل إلى 30 ألف شخص.
قام الضباط الذين عارضوا تصرفات نظام الأسد بإطلاق "حركة الضباط الأحرار". وبعد ذلك بوقتٍ قصير، أسَسَ سبعة ضباط بقيادة "رياض الأسعد" (عقيد في سلاح الجو) الجيش السوري الحر، حيث أنضم إليهم المئات من الهاربين.
كان هدفهم الأساسي هو، حماية المتظاهرين وإسقاط نظام الأسد الديكتاتوري. فنتيجةً لذلك، ترك النظام أفراد عائلات الجيش السوري الحر (منهم رياض الأسعد)، مقتولين في منازلهم.
وازدادت حدة القتال بين الطرفين بسرعة، وقصفت قوات النظام الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة، وقُتل المئات وأُصيب الآلاف. وقام نشطاء المعارضة السورية بالمطالبة بالتدخل الغربي. لكن كانت الولايات المتحدة والدول الأوروبية مترددة، لا سيما بعد الدعم الروسي لنظام الأسد. وقد شعر الكثير من السوريين نتيجةً لذلك، بالخذلان والتخلي عنهم من طرف دول الغرب.
لماذا تلعب الأديان والطوائف دوراً رئيسياً؟
ينتمي الرئيس بشار الأسد إلى الطائفة العلوية الشيعية، وأتباع هذه الطائفة تتواجد بشكلٍ رئيسي على الجبال بالقرب من السواحل السورية.
فقد أحتل نظام الأسد مناصب مهمة في الجيش والسياسة والأقتصاد مع أفراد الأسرة العلويين. حيث يُشكِل العلويين فئة ضئيلة فقط من السكان، بينما يشكل المسلمون السنة الغالبية الكبرى من إجمالي عدد السكان. لكنهم أقل تمثيلاً في النخبة العسكرية والسياسية داخل البلاد.
هذا أيضاً أحد الأسباب، التي تجعل الجيش السوري الحر سُنياً إلى حدٍ كبير. إضافةً إلى أعتبار بعض المسلمين العلويين زنادقةً. لكن من جهة أخرى، الكثير من العلويين يعتبرون بشار الأسد ضامناً وحامياً لهم من الأغلبية السنية.
ويرى الكثيرون أيضاً، أن بشار الأسد يضمن المساواة وحرية المعتقد للأقليات. كذلك يوجد وحدات متمردة مسيحية داخل عناصر الجيش السوري الحر.
تعتبر جمهورية إيران الإسلامية القوة الشيعية الإقليمية الحامية في المنطقة، مما يجعلها واحدة من الحلفاء الرئيسيين لنظام الأسد. ومعاً يشكلون مع حزب الله اللبناني "المحور الشيعي" في المنطقة.
لكن لا ننسى أيضاً، أن بعضاً من المسلمين السنة كالسلفيين، يعتبرون الشيعة مرتدين وكفار وغير مؤمنين.
أول ظهور للتنظيمات الإسلامية
بسبب الأعتقاد السائد، بأن الغرب قد ترك السوريين يواجهون مصيرهم، حاولت الجماعات الإسلامية السنية الحصول على موطئ قدم. ففي البداية، ظهرت الجماعات الإسلامية داخل الجيش السوري الحر. وهي تشمل على سبيل المثال: "كتائب الفاروق" في محافظة حمص، والتي سُميَت على أسم "عمر بن الخطاب الفاروق".
وتعتبر كتائب الفاروق، من بين أكبر الجماعات المعارضة والمتمردة ضد النظام. حيث كانت تضم آلاف المقاتلين.
وتعتبر كتائب الفاروق، من بين أكبر الجماعات المعارضة والمتمردة ضد النظام. حيث كانت تضم آلاف المقاتلين.
كما بدأ "الجهاديون السلفيون" أيضاً بعيداً عن الجيش الحر، في محاربة قوات النظام. حيث كانت المجموعة الأكبر منهم تُدعى "كتائب أحرار الشام".
أعتدائات وأنتهاكات لحقوق الإنسان
لقد قاتل الجيش السوري الحر بشكلٍ واضح وصريح، من أجل الديمقراطية وإقامة دولة مدَنية علمانية.
وقد أدى القصف العنيف على الأحياء، إلى فرار عدد هائل من الهاربين من الخدمة العسكرية وإنضمامهم إلى الجيش السوري الحر. وفي فبراير من عام 2012، أُضطِر المعارضين إلى الأنسحاب من حي "بابا عمرو" في محافظة حمص بعد قتالٍ عنيف، تاركين خلفهم الخراب والدمار في الحي ومئات القتلة من الجيش الحر.
لقد تم أيضاً أتهام المعارضين والثوار بأرتكاب أنتهاكات لحقوق الإنسان. ويُقال، أنهم قاموا بتعذيب وإعدام السجناء. وقد تسبب مقطع فيديو بحالةٍ من الرعب. حيث يقوم فيه أحد المقاتلين المعارضين بأكل قلب جثة جندي سوري مقتول.
لماذا أصبح الإسلاميين أقوياء إلى هذا الحد؟
مع مرور الوقت أصبح التصور، بأن العالم قد تخلى عن شعب سوريا مترسخاً في أذهان الشعب. ومنذ ذلك الحين، بدأ يزداد عدد الثوار والمتمردين من المسلمين السنة. على سبيل المثال: "أسود الله" و "كتائب الإسلام". إذاً، فإن صعود حركات التنظيمات الإسلامية كان، بسبب تقاعس المجتمع الدولي.
ظهور تنظيم القاعدة في سوريا
في فبراير من عام 2012، ظهر لاعبين جُدُد على الساحة في الحرب الأهلية السورية وهي، تلك الأشباح التي رآها بشار الأسد في بداية المظاهرات، والتي أصبحت حقيقة واقعة. فقد دعا زعيم القاعدة السلفية "أيمن الظواهري" المسلمين في جميع أنحاء العالم إلى محاربة بشار الأسد. ومنذ ذلك الحين بدأ المقاتلون والمجاهدون بالتدفق من دولة العراق إلى سوريا.
جذبت جماعة القاعدة الأنتباه على وجه الخصوص، عندما أستولت على "معبر باب الهوى" الحدودي لتركيا في تاريخ 20.7.2012.
جذبت جماعة القاعدة الأنتباه على وجه الخصوص، عندما أستولت على "معبر باب الهوى" الحدودي لتركيا في تاريخ 20.7.2012.
وقد دخلت قوة ساحقة إلى الساحة تُدعى "جبهة النصرة"، وأصبحت نوعاً من وحدات النخبة في الجيش السوري الحر، دون أن تكون جزئاً من هيكلها التنظيمي. لكن عندما أمرت الولايات المتحدة بتصنيف هذه المنظمة كمنظمة إرهابية، أندلع غضبٌ كبير عند المواطنين السوريين. حيث خرجوا إلى الشوراع على شكل مظاهرات حاشدة ضد الولايات المتحدة.
فقد رأى السوريين ذلك إهانة كبيرة، لأن الغرب نفسه لم يُقدِم المساعدة لهم. وبدلاً من ذلك، قام بوصف الذين جائوا للمساعدة بالإرهابيين.
مخاوف من الجماعات الإسلامية
لقد كانت سوريا ذات أهمية أقتصادية هائلة لإيران، منذ أن فرضت الولايات المتحدة والأتحاد الأوروبي عقوبات أقتصادية عليها. فيمكن للحكومة السُنية، أن تؤثر بشدة على هذه العلاقة الأقتصادية أو حتى تنهيها، لذلك تعتمد طهران على نظام الأسد وتؤيده وتدعمه، من أجل توطيد هذه العلاقات.
دعمت روسيا أيضاً نظام دمشق لعقود، وتعتبر محافظة طرطوس قاعدة بحرية روسية على البحر الأبيض المتوسط. كما إن روسيا لا تريد الأستغناء عن سوريا بأي ثمن، وبالتالي فهي تدعم كذلك نظام بشار الأسد.
بينما تدعم الولايات المتحدة بشكلٍ رئيسي، الجيش السوري الحر. ومع ذلك، فهم يرفضون تسليم شحنات الأسلحة الثقيلة أو التدخل العسكري المباشر، لأن سلام وأمن الكيان الصهيوني إسرائيل، له الأولوية القصوى بالنسبة للولايات المتحدة. وهناك مخاوف في إسرائيل من، أن يتم أستخدام هذه الأسلحة ضدها بعد سقوط نظام بشار الأسد.
تدخلات خارجية في الأراضي السورية
أصبحت سوريا ساحةً للتدخلات الخارجية من القوى الإقليمية والدولية، والتي زادت وساهمت في تعقيد النزاع وتشعُبِه منذ إندلاع الثورة في مارس من عام 2011.
جمهورية تركيا
منذ بداية النزاع في سوريا، دعمت جمهورية تركيا المعارضة السورية. حيث بدأت أول عملية عسكرية لها في سوريا في عام 2016 تحت أسم "درع الفرات"، والتي أستهدفت تنظيم الدولة الإسلامية ووحدات الحماية الكردية في ريف حلب الشمالي الشرقي. حيث سيطرت تركيا على منطقة حدودية تضُم مدينتي جرابلس والباب.
وتعتبرُ تركيا "وحدات حماية الشعب الكردية"، التي تدعمها واشنطن ضد تنظيم الدولة الإسلامية، منظمة "إرهابية" وأمتداداً "لحزب العمال الكردستاني"، الذي يَشُن تمرداً ضدها منذ زمن.
في عام 2018، شَنَت تركيا هجوماً ضد المقاتلين الأكراد في ريف حلب الشمالي الغربي، وأطلقت عليه أسم "غصن الزيتون". حيث سيطرت القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها على منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية.
وفي عام 2019، أعلنت واشنطن عن نِيتها بسحب قواتها من مناطق سيطرة الأكراد في شمالي شرقي سوريا. لتَشُن تركيا بعد ذلك، عملية جديدة ضد المقاتلين الأكراد، أطلقت عليها أسم "نبع السلام". حيث سيطرت القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها على شريط حدودي بطول 120 كم، وبعمق نحو 30 كم. حيث يمتد بين مدينتي تل أبيض ورأس العين.
وأيضاً في عام 2020، نفذت أنقرة أول عملية عسكرية لها ضد "قوات النظام السوري"، تحت أسم "درع الربيع" في محافظة إدلب شمالي سوريا.
الولايات المتحدة الأمريكية
في عام 2014، شَكلَت واشنطن "تحالفاً" دولياً يضُم أكثر من 70 دولة بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على مناطق شاسعة في كلٍ من سوريا والعراق.
حيث بدأ التحالف بقصف مواقع تنظيم الدولة في شهر سبتمبر من نفس العام. ونشرَت الولايات المتحدة ألفي جندي في سوريا، بصفتها المساهم الأكبر في التحالف. كما إنها أستخدمت قوات جوية وبحرية.
وفي ديسمبر 2019، أعلن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" عن سحب قواته من المناطق الشمالية على الحدود التركية. وذلك أعطى الضوء الأخضر لأنقرة، لكي تَشُن هجومها على المقاتلين الأكراد مُجدداً.
لكن بعد ذلك، أعلنت واشنطن إبقاء 500 جندي هناك، وذلك من أجل حماية آبار النفط، التي يسيطر عليها الأكراد في شمالي شرقي سوريا.
روسيا الأتحادية
في سبتمبر 2015، باشرت موسكو بحملة ضربات جوية دعماً لقوات النظام السوري، والتي كانت تواجه وضعاً صعباً جداً. وذلك بأعتبارها حليفاً أساسياً لدمشق.
حيث نفذت روسيا عمليات قصف، قد خَلَفَت ضحايا ودماراً. لكنها مكَنَت الرئيس بشار الأسد من أستعادة السيطرة على مناطق شاسعة، مُلحقاً الهزائم بالفصائل المعارضة والجهاديين.
يوجد لروسيا قاعدتان عسكريتان في سوريا. الأولى في مطار حميميم بمحافظة اللاذقية، والثانية في ميناء محافظة طرطوس المُطِلة على البحر الأبيض المتوسط.
وتقول موسكو، أنها تمتلك ثلاثة آلاف جندي في سوريا. بالإضافة إلى الطائرات والطوافات والسفن الحربية والغواصات.
جمهورية إيران وحزب الله اللبناني
تُقدِم إيران بصفتها الحليف الإقليمي الأكبر لسوريا، الدعم له منذ إندلاع الحرب.
تنفي طهران وجود قوات نظامية لها في سوريا. ولكنها تُقر بإرسال عناصر من الحرس الثوري بصفة "مستشارين عسكريين"، وآلاف "المتطوعين" من إيران وأفغانستان وباكستان.
من جهة أخرى، أعلن حزب الله اللبناني رسمياً في عام 2013، مشاركته العسكرية في الحرب إلى جانب قوات النظام السوري.
الكيان الصهيوني (إسرائيل)
تُعَد فعلاً كلاً من إسرائيل وسوريا رسمياً في حالة حرب. وقد تصاعد هذا التوتر أكثر، بعد تدخل حزب الله اللبناني وإيران في البلاد إلى جانب النظام السوري.
فمنذ بداية النزاع، والجيش الإسرائيلي يَشُن ضربات جوية في سوريا على مواقع عسكرية تابعة للنظام، وأهداف إيرانية وأُخرى تابعة لحزب الله اللبناني.
شكراً لكم على القراءة وأتمنى أن يكون مقالي قد أفادكم ونال إعجابكم!
إرسال تعليق